الرسالة السرية التفصيلية للسفارة الأميركية في بغداد بخصوص الأحكام الصادرة بحق المتهمين بمحاولة إغتيال الزعيم قاسم في ٧ ت١-١٩٥٩.

الرسالة السرية التفصيلية للسفارة الأميركية في بغداد بخصوص الأحكام الصادرة بحق المتهمين بمحاولة إغتيال الزعيم قاسم في ٧ ت١-١٩٥٩.

الرسالة هي من وثائق وزارة الخارجية الأميركية وقد رفعت عنها السرية بعد ٤٥ عاماً من إنشائها وقد قمنا بتعريبها لأهميتها. يثير التفصيل الذي زودت به السفارة وزارتها التساؤل عن إهتمام المخابرات بالقوى الفاعلة على الساحة العراقية عهدئذٍ وبالأسماء. لم نعثر على الرسالتين اللاتي سبقتها والمشار إليهما بالتسلسل ٦١٢ و٧٠٧ والذي يبدو من الفحوى أنهما قد فصلتا الأحداث وتضمنتا تقويم وآراء السفارة. لقد قمنا من جانبنا بإعداد جدول بالأحكام التي نقلتها السفارة بالتفصيل مع تعليقاتها. نتيجة لأهمية بعض الشخصيات المدانة ودورها اللاحق فقد أضفنا من جانبنا تعليقات ومعلومات عما آلت إليه مصائر من شارك أو ساعد في محاولة الإغتيال تلك وكما هو متوفر منها في الذاكرة والشهادات والكتب أو على الشبكة. من المعلوم أن مهندس المحاولة فؤاد الركابي قد نحر في السجن عام ١٩٧١ وأن أحد المنفذين الرئيسيين وهو عبد الكريم الشيخلي قد تمت تصفتيه في الشارع العام عام ١٩٨٢ وكذا غانم عبد الجليل عام ١٩٧٩ والدكتور رياض إبراهيم الحاج حسين عام ١٩٨٢ واللذان قد أعدما وغيرهما لأسباب مختلفة تتعلق بشخصية تدور حولها الشبهات لحقت بهم عام ٢٠٠٦. إن الهدف الأسمى الذي يدفعنا لإستذكار تلك الأحداث الجسام هو أخذ الدروس والعبر مما وقعنا فيها من أخطاء كان من الممكن تلافيها. لقد كان للتدخل الأجنبي دوراً ربما كان وما زال حاسماً لكن يجب ألا نهمل العوامل الداخلية التي مهدت السبيل للتدخل الشائن وهو عوامل مرضية، إثنية وطائفية ومناطقية، يعاني منها مجتمعنا أيما معانات. لا بديل عن الحوار وإيجاد نقاط التلاقي فتلك الأحداث هي التي حددت مصير بلدنا وما آل إليه الوضع الحالي من دمار شامل على كل الأصعدة بعد ستين عاماً من حدوثها. كانت لتلك الأحداث نتائج كارثية توجت بإحتلال العراق بعد ٤٥ عاماً من فشل محاولة إحتلاله من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا بعد ثورة تموز عام ١٩٥٨، مر خلالها بحروب لم تنقطع وإنتهى بيد حفنة من اللصوص بعد أن عاث الدكتاتور هو وعصابته بها فساداً وتدميراً للبشر والحجر والشجر وخاضوا بدماء الأبرياء لعشرات السنين وكان رفاقه هم أيضاً بين الضحايا! لم يكن إحتلال ٢٠٠٣ منقطعاً البتة عن المحاولات الأنجلوأميركية للإنتقام أولاً من الحركة التحررية الأكبر في تاريخ المنطقة منذ سقوط بغداد عام ١٢٥٨م وللسيطرة على واحد من أكبر خزائن الدنيا ثانياً ولحماية الإبنة المدللة إسرائيل ثالثاً. يجد القارئ الكريم مرفقين وهما صورةأصل رسالة السفارة وجدول معد يبين الأحكام الصادرة مضافاً إليه التعليق.

رفعت السرية عن هذه الوثيقة بتأريخ ٢٦ تشرين أول ٢٠٠٥

إلى: وزارة الخارجية – واشنطن

التاريخ: ٢٩ شباط ١٩٦٠

المراجع: (٦١٢) – ١٦ كانون ثاني ١٩٦٠ ٬ (٧٠٧) – ١٣ شباط ١٩٦٠

الموضوع: أحكام محاكمة الإغتيال

في يوم ٢٥ شباط ١٩٦٠ عقدت جلسة محكمة الشعب في الساعة الرابعة مساء وقد إستمرت حتى الثانية من صباح اليوم التالي وإنتهت بإصدار أحكام على (٧٦) شخصاً من أصل (٧٨) شخصاً متهمين في التآمر لإغتيال رئيس الوزراء قاسم بتأريخ ٧ تشرين أول ١٩٥٩. (طياً الأحكام) قضية كاظم إبراهيم العزاوي ومدحت الحاج سري والتي يزعم بأن هناك شخصية بريطانية هو لزلي مارش (Leslie Marsh) متورط فيها فقد تم فصلها عن القضية الرئيسية وقد إستبقيت للنظر فيها لأجل غير مسمى.

إن الأحكام التي صدرت لا تبدو قاسية بالمقارنة مع ما كان متوقعاً خاصة وأن أية علاقة مع حزب البعث سواء كانت في الماضي أو في الحاضر وسواء كانت حقيقية أو مزعومة مع وجود شاهدين إثنين تعتبر كافية لإثبات تهمة التآمر على الجمهورية العراقية. إن الملخصات التي بعثنا بها إليكم في رسالتنا المرقمة (٧٠٧) بخصوص شهادات الشهود فهي تبقى دقيقة من حيث الأسس التي إستندت عليها الإدانة والتي مررت بموجبها الأحكام، على الرغم من أن بعض نتائج التحقيق التي ذكرتها المحكمة قد إعتمدت على شهادات معينة وإقرارات مكتوبة في جلسات سرية ولم يعلن عنها لحد الآن. المتهم عودة حمادي الدهش وهو الوحيد الذي لم تبين أية شهادة بخصوص إتهامه إلا أنه قد زُعم بأنه كان من بين الذين ساعدوا شاكر حليوة في خروجه غير القانوني من العراق في طريقه إلى سوريا في أواخر تموز ١٩٥٩.

 يبقى التحليل الذي بعثناه إليكم بموجب رسالتنا المذكورة لا ينازع وذلك إستناداً إلى ما توصلت إليه التحقيقات على الرغم من أن هناك عدة إفادات قد ضُمنت في نتائج التحقيقات تؤدي إلى أن الجمهورية العربية المتحدة قد قدمت إسناداً هائلاً نسبياً وهذا ما دعَّم رأي المحكمة. هناك ما يثير التعجب وبشكل واضح من أن رأي المحكمة يتناقض مع شهادات وإستنتاجات أخرى رغم الجهود المستمرة من قبل مختلف المتهمين بنفي الإعتماد على أي عون خارجي للخطة.

النقاط الوحيدة بخصوص العون الخارجي، والتي تبدو واضحة، بأنه قد تم أثبات دفع مبلغ (٤.٠٠٠) دينار أي ما يعادل (١١.٢٠٠ دولار) إلى المتآمرين من قبل سفارة الجمهورية العربية المتحدة في بغداد والتبرع كذلك من قبل السفارة بشقة مؤثثة كانت مسكونة من قبل أحد ضباط السفارة محمد كبول وقد إستخدمت تلك الشقة من قبل خالد علي الصالح كمقر رئاسة فرع بغداد لحزب البعث.

هناك تناقض واضح آخر قد ثار بخصوص عدد الأسلحة المستخدمة في المحاولة فقد صُرح مراراً أن نتائج التحقيق قد بينت بأن هناك ست رشاشات إستخدمت في محاولة الإغتيال ولكن ولغاية الآن فأن في كل قضية من القضايا المرفوعة هناك رشاشة واحدة، يزعم أن حزب البعث هو من تبرع بها، وبالنتيجة فأن المحكمة قد إستنتجت بأن “هذه الرشاشة أخذت من المتهم من قبل الحزب وبعد ذلك إستخدمت في المحاولة على حياة رئيس الوزراء” وهكذا فأن مجموع الرشاشات يكون قد بلغ (١٢) مقابل ست إستخدمت في المحاولة.

هناك العديد من التناقضات العرضية الأخرى فقد لوحظ بخصوص أسماء الشهود الذي يشهدون ضد متهم، والذي يتطلب قانوناً وجود شاهدين إثنين من أجل الإدانة، هناك في الأقل، حالتان قد أدين فيهما المتهم على أساس العدد الأدنى من الشهود وأن واحداً منهما لم تصدق شهادته ضد متهم آخر وبالنتيجة فقد أدت إلى براءة ذلك المتهم. هناك حالات أخرى كانت شهادات الشهود لا علاقة لها بالحكم الصادر بموضوع الإتهام.

من المهم أن يلاحظ كذلك بأن المحكمة قد إتجهت إلى عدم تصديق الإعترافات التي أدلى بها عبد الرزاٍق الغريري وبوصفه لمشهد محاولة الإغتيال مع أسماء المشتركين فلقد أفاد هو بأن هذه الإعترافات قد أنتزعت منه بالتعذيب وبالتالي فأن المحكمة إعتبرت شهادته غير دقيقة وليست موثقة ومع ذلك فأن عدد من الأسماء التي أوردها الغريري قد أدينت بالعدوان بالإعتماد على شهادته بينما الغريري نفسه قد خرج بعقوبة مخففة. من الواضح بأن المحكمة قد أوجدت ما كانت تريد أن تجده بغض النظر وعلى الرغم من طبيعة الشهادة.

تحرم التقاليد الإسلامية الإعدام خلال شهر رمضان والذي بدأ رسمياً في العراق بتأريخ ٢٧ شباط ولكن يبدو بأن ذلك لا يحول دون تنفيذه في حق المدانين. كما إتضح بأن المتهم سمير عبد العزيز النجم، والذي كانت شهادته هي المساهمة الرئيسية في مجريات الإتهام، هو الوحيد الذي ربما سينجو من الإعدام وذلك بمقتضى توصية من المحكمة بشموله بالرأفة.

بالإضافة إلى ذلك فأن على المتهمين المتآمرين والذين صدرت الأحكام ضدهم عليهم أن يدفعوا مجتمعين ما مجموعه مبلغ ٢٫٦٤٠.٧٣٠ كتعويض لعائلة المتوفي كاظم عارف (سائق سيارة رئيس الوزراء) ولثمانية أشخاص جرحوا نتيجة للهجوم. (لم يقرر توزيع حصص التعويض).

ملاحظة:

في بعض القضايا فأن المتهمين قد حكم عليهم بعقوبتين أو أكثر تحت بنود مختلفة من مواد القانون حيث أنهم وجدوا مذنبين بموجب تلك المواد. إن تقديم الكفالة هو إجراء حُسن سيرة وسلوك فإذا تم القبض على أي متهم نتيجة لأية مخالفة خلال الفترة عليه أن يكمل المدة المكفولة المتبقية على الرغم من أن الكفالة النقدية تسترجع في تلك الحالة وكذلك عند نهاية المدة. تتم مصادرة الكفالة فقط في حالة هروب المتهم بعد ارتكابه المخالفة.
محكمة-الشعب

qassim-assination-trails-sentence-1960

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!