ما بعد الأمن: الإستقرار والحكم والتحديات الإجتماعية والإقتصادية في العراق

ما بعد الأمن: الإستقرار والحكم والتحديات الإجتماعية والإقتصادية في العراق

تموز ٢٠١٨
الدكتور حارث حسن*
تعريب: وليد إبراهيم حسين
في شهر تشرين ثاني ٢٠١٧ أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي هزيمة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرة المجموعات الإرهابية. لقد ركز معظم المسؤولين العراقيين وصانعو القرار الدوليين والأميركيين وكذلك المعلقون على التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجه البلاد أثناء ذلك الصراع. إن من الضرورات الملحة لإستقرار العراق في المديين القصير والمتوسط هو العمل على وضع أُطر سياسية وقانونية لتحسين الأداء الحكومي ليكون أكثر شمولاً ومتزامناً مع جهود منع التمييز العرقي والطائفي وبشكل دائم. إن من الأهمية بمكان طرح موضوع التحديات الإجتماعية والاقتصادية (Socioeconomic) التي يواجهها العراق وذلك من أجل صيانة السلم الاجتماعي وتفادي تمدد التطرف ومنع ظهور مجموعات متمردة جديدة وتجنب المزيد من الإضطرابات وعدم الاستقرار.
إن النتائج التي أسفرت عنها انتخابات آيار ٢٠١٨ قد واجهت رفضاً من قبل العديد من الجماعات وهي بذلك فقد أظهرت هشاشة الديمقراطية العراقية ومؤسساتها. أظهر تدني نسب المشاركة عن تزايد خيبة الأمل في النظام وفي فكرة أن الانتخابات ستحدث تغييراً في واقع تبدو فيه الأحزاب المتمركزة في السلطة قد أعدت عدتها لإعادة إنتاج هيمنتها من خلال التلاعب في الانتخابات. يتمثل الخطر الرئيسي هو في إتساع الهُوة بين النخب الحاكمة وبين المطالب الشعبية مما قد يؤدي ذلك إلى إتساع التطرف في الشارع يتبعه نزع الشرعية من نظام الحكم الهش أصلاً. في الحقيقة فأن العراق قد عاش حالة مشابهة في خمسينيات القرن المنصرم حينما فشل النظام الملكي في التعامل مع نفس الحالة والتي أدت إلى زواله وبروز الحركات الثورية في عملية بلغت ذروتها بصعود صدام حسين إلى السلطة في منتصف السبعينيات.
مواطنان يستعرضان أصابعهما الملونة بعد إدلائهما بأصواتهما في أحد المراكز الانتخابية في كركوك أثناء الانتخابات الپرلمانية بتأريخ ١٢ آيار ٢٠١٨. رويترز/ آكو رشيد
يمر العراق حالياً بصعوبات اقتصادية جمة مع زيادة سكانية متسارعة وحراكاً إجتماعياً مما قد يعرض الوضع السياسي الهش أصلاً للخطر. لا تزال الحكومة العراقية تعاني من إختلال وظيفي كبير حيث مازال العراق يحتل مرتبة متقدمة بين الدول الأكثر فساداً في العالم وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية[1]. لقد أدى انخفاض أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية إلى انخفاض كبير في إيرادات الحكومة والتي تمثل عائدات النفط (٩٠٪) منها مما إضطر السلطة التنفيذية لضغط النفقات العامة وطلب القروض من الجهات الدولية المانحة.
في العام ٢٠١٦ تم الاتفاق بين الحكومة العراقية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بهدف تنفيذ التدابير الخاصة بالتغييرات الإقتصادية والإصلاحات المالية وفي المقابل فقد حصلت على عدة قروض لأجل تخفيض عجز الموازنة العامة. لقد وافقت الحكومة حينها على السعي لإصلاح وإعادة بناء الموازنة المالية وتخفيض الإنفاق الرأسمالي غير الكفوء وتحسين التصنيف الإئتماني للبلاد، مقابل تسهيلات مالية ضمن إتفاقية الإستعداد الإئتماني Stand-by Agreement وذلك بحدود (٥.٣٤) مليار دولار أميركي يقدمها صندوق النقد الدولي[2]. في شهر شباط ٢٠١٨ قامت الحكومة وبالتنسيق مع البنك الدولي بعقد مؤتمر المانحين في الكويت وقد أعلنت حينها عن (٦٠) مشروعاً عملاقاً بهدف إعادة البناء وبكلفة تصل إلى (٨٥) مليار دولار أميركي[3]. كانت نتيجة ذلك أن وعد المانحون العراق بتقديم (٣٠) مليار دولار أغلبها على شكل إستثمارات وتسهيلات إئتمانية[4] وقد إشترط المانحون على إتخاذ خطوات إضافية من قبل الحكومة العراقية من أجل تحسين بيئة الإستثمار وضمان عدم إستخدام الأموال لغير أهدافها وعدم تبديدها نتيجة لعدم الكفاءة والفساد وكما كان عليه الحال مع المشاريع الخدمية ومشاريع البني التحتية التي مولت سابقاً من قبل حكومة الأميركية أو الحكومة العراقية منذ عام [5]٢٠٠٣. يعني كل ذلك تطبيق المزيد من الإصلاحات في القطاع العام والقطاع المالي بالإضافة إلى الحفاظ على مستوى مقبول من الاستقرار.
يتطلب القيام بأي إصلاح إقتصادي فعّال وتحسين إدارة الحكم تغييراً في هيكل مؤسسات الدولة وطرق عملها خاصة وأن العراق يمتلك قطاعاً عاماً كبيراً بفرعيه المدني والعسكري والذي نما بتسارع أثناء سنوات الوفرة المالية وقبل هبوط أسعار النفط في عام ٢٠١٤. لقد أصبحت الوظائف في القطاع العام الأداة الرئيسية لرعاية الأحزاب السياسية في الحكومة الإتحادية ولم تشذ عن هذه القاعدة حكومة إقليم كردستان. إن أغلب التعيينات في الحكومة لا تعتمد الجدارة والتأهيل أساساً لها بل تعتمد المحسوبية والزبائنية  Clientelismمما أدى ذلك إلى تضخم حجم العمالة التي تفتقر بدورها إلى المهارات المهنية الأساسية المطلوبة من أجل أداء فعّال.
الاقتصاد الريعي، كما هو الإقتصاد العراقي، تظل فيه الدول تلعب دوراً مهيمناً ومركزياً في الأنشطة الاقتصادية وفي عملية توزيع الدخل ويكون فيه القطاع الخاص ضعيفاً وتكون معظم أعماله وصفقاته من خلال شراكات مشبوهة مع الأحزاب السياسية. إن الاقتصاد غير القانوني لأغلب أنشطة القطاع الخاص يُعَقِّد بدوره عملية تنويع الإقتصاد ويُجهض جهود محاربة الفساد ويكبح جهود تحفيز التنمية.
مواطنون يتظاهرون في ساحة التحرير في وسط مدينة بغداد بتأريخ ٢٥ شباط ٢٠١١. الآلاف من العراقيين إتخذوا من الشوارع يوم الجمعة للإحتجاج ضد الفساد وغياب الخدمات الأساسية في طول البلاد سمي بيوم الغضب متأثراً بالانتفاضات على طول العالم العربي. اللافتة تقول: لا للفساد، لا للفقر، لا للبطالة وللإرهاب، نعم للحرية والكرامة. رويترز/ ثائر السوداني.
إن النمو السكاني المستمر والذي يقدر بين ٢٫٦٪ – ٣٪ سنوياً سيزيد بدوره الضغط على الحكومة وقد يكون من نتائجه زيادة كثافة الصراع على موارد شحيحة[6]. إن الإحتجاجات على سوء إدارة الحكم والفقر ونقص الخدمات والفساد أصبحت شائعة في جميع المدن العراقية وبضمنها إقليم كردستان. إذا ما أخفقت الحكومة في تطبيق تغييرات جوهرية وإعادة هيكلتها من أجل تحسين أداء الحكم وتلبية المطالب الشعبية فمن غير المستبعد أن تتطور الإحتجاجات السلمية إلى أعمال عنف. قد يواجه العراق في المديات المتوسطة والبعيدة ظروفاً إقتصادية مشابهة لتلك التي شهدتها البلدان وحيدة المورد، فعندما تنكمش الإيرادات مع غياب بدائل ممكنة سيتفاقم الوضع وتزيد إشكالياته في تحقيق الإستقرار البعيد المدى خاصة فيما إذا تجاوز الطلب العام قدرة الحكومة على تلبيته.
رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والذي تصدرت قائمته الانتخابات ينظر إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي والذي جاءت قائمته في المركز الثالث في انتخابات آيار الپرلمانية أثناء مؤتمر صحفي في النجف بتأريخ ٢٣ حزيران ٢٠١٨. رويترز/ علاء المرجاني.
سعياً منها لتنفيذ الإصلاحات فأن الحكومة قد تواجه ضغطين متقابلين، أحدهما من قبل صندوق النقد الدولي ومنظمات مالية دولية أخرى تطالب بتحرير الإقتصاد وإعادة هيكلة القطاع العام وتطبيق بعض إجراءات تقشفية، إما الضغط الآخر فسيأتي من الشارع وهو: مطالب بوظائف ومعارضة إجراءات التقشف. قد تختار الدولة فرض بعض الإجراءات غير المرحب بها شعبياً مما قد سيجبرها على إختيار إجراءات قسرية لمواجهة أي موجة كبيرة من الإحتجاجات، أو أنها تقرر منح الأولوية لمطالب الشارع والتي قد تكون عواقبها سلبية على المدى البعيد فيما إذا تم إهمال إصلاح منهجي بنيوي ومخطط. إن نتائج انتخابات آيار ٢٠١٨ والتي برز فيها ائتلاف مدعوم من قبل مقتدى الصدر والذي بدا أنه يكسب الكثير من الدعم بدعوته إلى محاربة الفساد وخفض مستويات الفقر. هذه الرغبة المتنامية للإصلاح، مبتعدة في الوقت نفسه عن سياسة الهوية الخلافية، وإن تم التعبير عنها بشعارات شعبوية، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تشكيل الحكومة الجديدة.
لكي يتمكن العراق من تطبيق الإصلاحات وتحسين فاعلية الحكومة ولتفادي أسوأ السيناريوهات فأن عليه الإستفادة من الإرتفاع النسبي لأسعار النفط والعمل الجاد على تقليل التهديد الإرهابي. يجب أن يكون الإصلاح الحكومي جزءاً من إستراتيجية أوسع ولأجل إعادة تعريف دور الدولة في عملية التنمية الاجتماعية والإقتصادية والإبتعاد عن سياسة الإستبداد الريعي السائد في العراق وفي المنطقة عموماً فليس من المفيد حالياً أن يعرف الإصلاح بصيغ وقواعد اللبرالية الجديدة المبسطة. إن أي إصلاح اقتصادي يجب أن يكون متحسساً ومستجيباً وملبياً للحاجات الملحة للسكان وأن يأخذ في الإعتبار الدور القيادي الذي تلعبه الدولة في العالم الثالث والبلدان أحادية المورد مثل العراق. إن توليفة متضمنة خطوات إقتصادية تحررية مخططة ومحسوبة وأفكاراً تنموية يمكن أن تساعد على إيجاد بديل ثالث أكثر ملائمة لظروف العراق.
هذه الورقة ستحدد القضايا الرئيسية والمركزية في تطبيق الإصلاح السياسي وإصلاح الحكم في العراق.
عمال يؤدون واجباتهم في حقل الزبير في البصرة، العراق بتأريخ ٩ مايس ٢٠١٨. رويترز/ عصام السوداني
أسعار النفط والأزمة المالية
في الأعوام ٢٠٠٧ -٢٠١٤ أدى إرتفاع أسعار النفط والزيادة التدريجية للتصدير إلى مد العراق بمصادر مالية هامة نسبياً وسرعت من نموه الاقتصادي ولكن حين بدأت الأسعار بالإنخفاض في عام ٢٠١٣ فقد شهد الإقتصاد العراقي نمواً قدره (٧٫٦٪) مع مجمل إيرادات بلغت (١٠٢) مليار دولار تأتت من تصدير (٢٫٣٩) مليون برميل في اليوم بالمقارنة مع (٤٦) مليار دولار في عام ٢٠١٧ وبالرغم من الزيادة في التصدير والتي حققت (٣٫٨) مليون برميل في اليوم[7]. في آذار ٢٠١٨ أقر مجلس النواب العراقي موازنة سنوية جديدة بلغت (٨٨) مليار دولار بعجز قدره (١٠) مليارات دولار[8]. لقد عكست تلك الموازنة نجاحاً نسبياً في تخفيض النفقات وزيادة في الإيرادات غير النفطية ولكنها أخفقت في علاج نواح جوهرية وخاصة السياسات بعيدة المدى والإصلاح الاقتصادي. قد يبدو أن ارتفاع أسعار النفط أمل يرتجى ولكنه في نفس الوقت يمثل خطراً حيث من الممكن أن يؤدي إلى قيام الجماعات الحاكمة بالتخلي عن الإصلاح الجدي والعودة إلى نمط الإنفاق التبذيري. تشير تقارير صندوق النقد الدولي بأن سجل العراق بشأن تطبيق إتفاقية الإستعداد الإئتماني مع الصندوق كانت خليطاً حيث أنه في الوقت الذي حققت فيه الحكومة تقدماً في تحرير سوق تبادل العملة وكذلك في إدارة المالية العامة لكنها ما زالت متأخرة في تحقيق أهداف هامة مثل تخفيض الموازنة التشغيلية والتي تتكون من الرواتب ومعاشات التقاعد والإعانات وكذلك تخفيض حجم القطاع العام والذي يضم حوالي (٥) ملايين مستخدم في كلا القطاعين المدني والعسكري وكذلك إخفاقها في تنمية القطاع الخاص[9].
عامل يتجول في حقل الزبير في البصرة، العراق بتأريخ ٩ مايس ٢٠١٨. رويترز/ عصام السوداني.
إن محاولات الحكومة العراقية لإنجاز جزء من هذه الأهداف بالرغم من أنها لم تكتمل بعد، قد واجهت مقاومة شديدة من قبل قطاعات عديدة من المواطنين كالموظفين العموميين والپرلمانيين والأحزاب السياسية، فعلى سبيل المثال، حينما تبنت الحكومة برنامجاً لتفعيل تحصيل أجور الكهرباء بواسطة وكالات خاصة إندلعت الإحتجاجات في عدد من مدن الجنوب متهمة الحكومة للتمهيد لخصخصة قطاع الكهرباء ورمي العبء على كاهل المواطن[10]. كان من نتيجة ذلك أن تراجعت الحكومة وذلك بتغيير البرنامج وإعلانها تخفيضاً في الأسعار[11]. إن قطاع الكهرباء يكاد أن يكون مدعوماً بالكامل من قبل الحكومة ولا يُستحصل من تكلفته سوى (١٠٪) فقط[12].
فلاحون ينثرون بذور القمح في حقل في منطقة مخمور في الجنوب الشرقي للموصول في ٨ كانون الثاني ٢٠١٥. رويترز/ آزاد لشكري
القطاع العام و “إقتصاد الإعانـات”
يرى بعض الإقتصاديين بأن القطاع العام العراقي وبضمنه إقليم كردستان المتضخم والمترهل هو أحد الأسباب الرئيسية لسوء إدارة الموارد وعدم عدالة توزيع الدخول وكذلك المقاومة الهيكلية للإصلاح. يذكر الاقتصادي العراقي علي ميرز ا بأن القطاع العام قد وظف (٦٢٪) من المستخدمين الجدد في الأعوام من ٢٠٠٧-٢٠١٤ وقدر الرواتب ومعاشات التقاعد لحوالي خمسة ملايين مستخدم من الحاليين والسابقين قد إستهلكت ما مقداره (٤٧٫٥٪) من موازنة الحكومة لعام ٢٠١٦[13] ووفقاً لوزارة التخطيط العراقية فأن القطاع العام يستخدم (٤٠٪) من قوة العمل العراقية[14]. لقد أشار أحد الإقتصاديين إلى أن الاقتصاد العراقي هو “إقتصاد إعانات”[15]!
لقد أشار الاقتصادي مظهر محمد صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى أن أسباب المشكلة لم تكن فقط في تكدس وعدم كفاءة وفساد القطاع العام ولكنها أيضاً تعود إلى غياب العدالة الإجتماعية والإقتصادية والتي من أسبابها المعاملة التفضيلية التي يتمتع بها موظفو الدولة علماً بأن الدين الداخلي العام هو من يغطي دفع الرواتب[16]، كما أشار الإقتصادي أحمد بريهي علي إلى أن المجتمع العراقي قد تم تقسيمه في العقد الأخير إلى فئتين: فئة موظفي الحكومة، والتي تستلم تعويضاً مالياً مجزياً وتتمتع بمستوى معاشي جيد نسبياً، تقابلها فئة ليس لديها وظائف في القطاع العام وهذه الفئة تمثل غالبية الشعب العراقي[17]. إن متوسط الدخل لموظفي القطاع العام هو ٨٫٠٠٠ دولار سنوياً أي أنه أعلى بـ ٣٫٠٠٠ دولار عن متوسط الدخل الفردي في العراق[18]، لكن في خلال السنوات الماضية عانى معظم موظفي القطاع العام من مواجهة صعوبات معاشية جمة مما يجعل هذا التقسيم مبالغاً فيه ولكنه مع ذلك يشير إلى المزايا الهامة للعمل في قطاع الحكومة خاصة في غياب بدائل أفضل. لقد بادرت الحكومة في تشجيع موظفيها لترك الخدمة من خلال عرض مزايا نهاية خدمة قد تكفي لعدة سنوات ولكن هذه المحاولة قد فشلت أيضاً في ظل غياب الفرص البديلة المجزية في القطاع الخاص كذلك فأن القليل من موظفي القطاع العام يرغبون بالتنازل عن رواتبهم التقاعدية[19]. من المحتمل أن تكبر هذه المشكلة بوجود أزمة مالية أجبرت الحكومة على إيقاف التعيينات للقادمين الجدد علماً بإن مناهج التعليم في الجامعات العراقية قد بنيت لتتماشى مع نظم وأساليب العمل في القطاع العام. إذا ما إستمر هذا الإتجاه فأن الفشل في إستيعاب الخريجين الجدد ومع النمو البطيء للقطاع الخاص فأن البطالة في العراق والتي تبلغ حالياً (١٥٪) ستتفاقم أكثر[20].
أما في إقليم كردستان حيث ﻳﻌﻤﻞ (١٢٪) ﻣﻦ السكان في اﻟﻘﻄﺎع اﻟﻌﺎم، وهي نسبة تمثل ضِعف ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن تكون عليه وفقاً لتقديرات اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ[21]، والمشكلة الأكثر صعوبة هي بسبب عدم قدرة حكومة الإقليم على دفع مرتبات الموظفين بإنتظام نتيجة للأزمة المالية التي تمر بها البلاد. لقد إﻋﺘﻤﺪت وزارة تخطيط الإقليم ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻬﺪف إﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ (٢٠٠٫٠٠٠) ﻣﻮﻇﻒ حكومي إﻟﻰ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص[22]. إن ﺗﺄﻣﻴﻦ رواﺗﺐ موظفي الإقليم هو من أكثر القضايا إثارة للجدل مع حكومة بغداد والتي أعلنت بدورها في آذار ٢٠١٨ بأنها ستعاود دفع الرواتب[23] ومع ذلك فأن هناك خلافات أخرى بين الجانبين حول العدد الفعلي لموظفي الإقليم والآلية الصحيحة لتأمين مرتباتهم.
شاب عراقي يعمل في مخبز في بغداد في ١٤ كانون ثاني ٢٠١٥. رويترز/ أحمد سعد.
كانت الحرب مع داعش تبريراً لزيادة الإنفاق العسكري حيث أن (٢٥٪) من موازنة ٢٠١٨، والتي خصص معظمها للقوات المسلحة، يذهب كرواتب لما يقارب من (١٫٣) مليون منتسب في الجيش وقوات الشرطة المحلية والإتحادية والحشد الشعبي وقوات مكافحة الإرهاب[24]. إن نمو عديد أفراد القوات المسلحة لا يعود إلى الحاجة لمحاربة داعش فقط بل إلى إمتصاص العدد الهائل من الأفراد الغير مؤهلين والباحثين عن فرصة عمل وكذلك لأجل ضم الجماعات شبه العسكرية والتي من الممكن أن تنقلب إلى تهديد للدولة. إن هذه الزيادة ربما ستتحول إلى عامل عدم إستقرار بسبب العبء المفروض على الإنفاق الحكومي إضافة إلى التنافس المحتمل بين الجماعات المسلحة المختلفة نفسها.
إن التوزيع التمييزي للإيرادات سيغذي التوتر الاجتماعي، فوفقاً لبعض الإحصاءات، فأن ٤٦٠٫٠٠٠ “عائلة” شهيد وسجناء سابقين يتلقون رواتباً تقاعدية توزع على أسس سياسية إلى حد كبير. إن فكرة منح الناس رواتباً نتيجة لخياراتهم السياسية السابقة، ومن سخرية القدر فأن هذه الممارسة كانت شائعة في عهد نظام صدام حسين، قد خلقت شريحة من السكان تتلقى تعويضاً دون أن تكون منتجة[25] ومع انخفاض ريع النفط فأنه من المرجح أن تتسع الصراعات على الموارد النادرة مما قد يزيد من زعزعة الاستقرار. والجدير بالملاحظة هنا بأنه على الرغم من عيوبه الواضحة، فإن “اقتصاد الإعانات” قد أعطى درجة ما من الاستقرار النسبي للاقتصاد وأن جزءاً من إيرادات النفط قد توجه نحو قطاعات متعددة من المجتمع وقد عملت مرتبات ومعاشات موظفي الدولة كأداة لتوزيع الثروة على عوائل تتكون تقديرياً من خمسة أفراد في المتوسط. لقد أدى ذلك إلى رفع عدد المستفيدين الإجمالي المباشرين وغير المباشرين من هذه الرواتب لعشرين مليوناً من السكان، في الأقل، ومع ذلك فإذا أخذنا بنظر الإعتبار المحسوبية والزبائنية في التعامل مع هذه الحالات فأن هناك بعض العائلات تستلم عدة رواتب بينما لا يحصل البعض الآخر على أي شيء وفقاً إلى ما أشار إليه مستشار الحكومة[26].
القطاع الخاص والإقتصاد اللاقانوني (الغير رسمي)
هناك اتفاق واسع على أنه يجب على الحكومة أن تتخذ المزيد من التدابير لدعم القطاع الخاص، وخاصة الأعمال المتوسطة والصغيرة الحجم كوسيلة لخلق فرص عمل جديدة وتوسيع الإقتصاد غير النفطي. يشكل نشاط القطاع الخاص (٣٧٪) من الناتج المحلي الإجمالي للعراق وتسعى الحكومة بدورها إلى زيادة هذه النسبة إلى (٥٤٪) وذلك وفقا لما ذكره المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء[27]. يمثل إعتماد العراق على النفط، والأنشطة المتصلة به وبتمويل عقوده، التحدي الرئيسي له ولأجل المقارنة فقط فأن (٤٪) من القوى العاملة تعمل في هذا القطاع وهو الذي يوفر ما يقدر بنحو (٥٠٪) من النشاط الإقتصادي مقارنة بـ (١٦٪) فقط الذين يعملون في القطاع الصناعي والذي يوفر فقط (١٪) من الناتج المحلي الإجمالي وأن هناك (٢٠٪) يعملون في الزراعة من أجل توفير أقل من (٨٪) من الناتج الإجمالي[28].
مؤيد يقف عند كشك يبيع الجينز المستعمل في سوق النبي في شرق الموصل/العراق بتأريخ ١١ كانون ثاني ٢٠١٨. رويترز/ راية جلبي  
أما التحدي الخطير الآخر فهو هيمنة الاقتصاد غير القانوني على الاقتصاد والذي لا يخضع لسيطرة وقوانين الدولة. يقدر السيد مظهر محمد صالح أن ما يقرب من (٧٥٪) من النشاط الاقتصادي الخاص، بالإضافة إلى السوق السوداء، والذي يمكن وصفه بالسوق الرمادية، حيث تسود الممارسات غير القانونية[29]. كما أن هناك ما يقدر بنحو (٦٢٪) من الشركات الخاصة هي غير مسجلة رسميا وذلك تهرباً من الضرائب[30]. هذا يعني وجود قطاع اقتصادي كبير غير خاضع للتنظيم أو للضرائب وهو يفتقد كذلك للحد الأدنى من الضمانات للعاملين فيه، وهو بذلك غير مستقر ويكون عرضة لأنشطة غير القانونية بل وحتى إجرامية. إن إضفاء الطابع الرسمي على القطاع غير القانوني أمر ضروري وذلك لخلق بيئة صحية للنشاط الاقتصادي الخاص كما أشار السيد مظهر.
يتطلب التعامل مع الاقتصاد غير القانوني إصلاح النظام المالي أولاً والذي يعتمد أساسًا على التعامل بالنقد الورقي كما أن معظم الأفراد لا يملكون حسابات مصرفية ويتم تحويل الأموال بين المدن من خلال حركة الأوراق النقدية أو بواسطة شركات تحويل الأموال[31]. ووفقاً لبعض التقديرات، فإن ما يقرب من (٧٠٪) من الأوراق النقدية يتم إكتنازُها في المنازل بدلاً من أن تجد طريقها إلى النظام المصرفي[32]. إن مصارف الدولة هي التي تهيمن على النظام المصرفي في العراق وهي لم تترك للمصارف الخاصة سوى هامشاً ضيقاً جداً للمنافسة والجدير بالذكر هنا أن عدم وجود منافسة بين المصارف هو أحد الأسباب التي أدت إلى بطأ تطور النظام المصرفي وإعاقته في أن يصبح مؤسسة موثوقًا بها في المعاملات المالية وإيداع المدخرات. ولهذا السبب فقد طالب صندوق النقد الدولي الحكومة بإصلاح النظام المصرفي وتشجيع الاستثمار الخاص فيه. لقد دشنت الحكومة في الآونة الأخيرة نظام المدفوعات الإلكترونية لرواتب موظفي الدولة[33] وهذه الخطوة من الممكن أن تفتح الباب نحو تحديث النظام المصرفي في العراق ومن أجل نجاح ذلك يجب أن تتبعه تدابير إضافية لتشجيع المصارف الخاصة وتشجيع السكان على وضع أموالهم في المصارف بدل إكتنازها في منازلهم وكذلك إخضاع معاملات القطاع غير القانوني في الإقتصاد لتدابير ومعايير قانونية.
مؤيدو مقتدى الصدر أثناء الإحتجاح ضد الفساد في ساحة التحرير في بغداد/العراق بتأريخ ٤ آب ٢٠١٧. رويترز/ وسم العقيلي.
يتفق معظم الاقتصاديين على أن الحكومة العراقية بحاجة إلى تقديم المزيد من الدعم والتشجيع للشركات المتوسطة والصغيرة وذلك من خلال تقديم القروض والحوافز الأخرى لها. في الحقيقة فأن الحكومة قد تبنت بالفعل بعض هذه التدابير ولكن لا توجد هناك ضمانات بأن هذه القروض سوف لن تستهلك نتيجة السلوك الزبائني الفاسد أو أن تدار بموجب نظام كفؤ وفعال للرصد وقياس الأداء. بالإضافة إلى ذلك فإن ضعف سيادة القانون وضعف الأطر القانونية والتنظيمية غير الودية وكذلك انعدام الأمن وتهالك البنية التحتية وهشاشتها سوف يستمر في تثبيط الأنشطة الاقتصادية في القطاعات الإنتاجية وذلك بدلاً من دعم توفير الخدمات والاستيراد.
وفي هذا الصدد فأن جزءاً كبيراً من العملة الأجنبية العراقية يغادر البلاد لتمويل الواردات من كل شيء تقريبا وذلك بسبب تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي العراقي وعدم قدرته على المنافسة في السوق العالمية فاليوم لا تتجاوز نسبة الزراعة والصناعة في الناتج المحلي الإجمالي للعراق الـ (٦٪)[34]. كما أن القطاع الزراعي يواجه المزيد من المعضلات بسبب نقص موارد المياه والتي سببتها أساساً مشاريع المياه في تركيا وكذلك جهود إيران في تقليل تدفق المياه إلى العراق[35]. إن لم تحل هذه المعضلة فمن المتوقع حدوث المزيد من الانخفاض في الإنتاج الزراعي وموجات هجرة جديدة من الريف إلى المدن المزدحمة والمستنزفة أصلاً. من الواضح فأن هذه الظاهرة ستكون مزعزعة للاستقرار وكما يتضح ذلك من النزاعات والمشاكل الأمنية المتكررة التي تحدث في مدينة البصرة الجنوبية نتيجة للهجرة القبلية.[36]
الفسـاد والزبائنية
يمثل الفساد والبيروقراطية المتصلبة عقبات كأداء في وجه الإصلاح الإقتصادي وفي وجه نمو القطاع الخاص. لقد شهد العقد الأخير نشوء نظام المحسوبية وترسيخ المصالح والذي غالبًا ما يكون على شكل شبكات زبائنية وشبكات من أتباع الرأسماليين تجمع بين القوى السياسية والبيروقراطيين وأصحاب المشاريع الخاصة. هناك عاملان قد سهلا نشوء هذه الشبكات، أولهما هو النشاط الأكبر والذي يدور حول عقود الدولة، وهو الأكثر ربحية وكذلك نشاط تراخيص الإستيراد التي تمنحها الدولة إضافة لمزاد العملات في البنك المركزي العراقي فمن النادر ما نجد أن المشاريع الكبيرة لا تتأثر، بطريقة أو بأخرى، بقرارات بيروقراطية الدولة. أما العامل الثاني وهو نظام المشاركة السلطوية والذي ينزع إلى توزيع الوزارات والمؤسسات العامة بين الأحزاب السياسية وهذا ما أدى إلى تسهيل نشوء إقطاعيات داخل هيكل الدولة. لقد إستخدمت الأحزاب السياسية، بما فيها تلك التي لديها أجنحة مسلحة، هذه المواقع كأدوات لرعاية مصالحها ودعمها مالياً فقد شكل كل حزب سياسي من الأحزاب الرئيسية ما يطلق عليها “لجنة إقتصادية” وتكون مسؤولة عن إعداد الترتيبات اللازمة لعقود الدولة في وزاراتها ومن ثم إرساءها على الشركات الحليفة لها. هناك (٣٨٪) من الشركات المسجلة إما أنها تعتمد على عقود الدولة أو تعمل كتوابع اقتصادية للأحزاب السياسية[37].إن مطار النجف، على سبيل المثال، وهو مؤسسة عامة، تشرف عليه لجنة تتألف من الأحزاب الرئيسية الممثلة في مجلس المحافظة. إن هذه اللجنة متهمة بالعمل على إقتسام إيرادات المطار بين تلك الأحزاب[38]. من الممارسات المنتشرة التي تقوم بها الأحزاب المسيطرة أيضاً هي إجبار رجال الأعمال في القطاع الخاص على المشاركة مع، أو تحويل أعمال معينة إلى أحد الأطراف المسيطرة على قطاع إقتصادي معين مستخدمة قوات الأمن أو ميليشياتها لفرض ذلك. إن هذه الممارسات تبين بشكل واضح الصعوبات التي تعترض سبيل تطوير قطاع خاص لا يخضع لتأثير الأحزاب السياسية.
لقد وعد رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي بمحاربة الفساد بحدة أكثر وذلك من أجل مواجهة هذا التحدي والاستجابة للمطالب الشعبية المتصاعدة ولكنه لم يتمكن بعد من تحقيق نتائج هامة بهذا الصدد وذلك نتيجة لحساسية إستهداف كبار السياسيين والخوف من إتهامه بأنه يستخدم إجراءات مكافحة الفساد لأهدافه السياسية الشخصية[39]. تحول الفساد في العراق وبشكل متزايد إلى مؤسسة ومركب معقد التنظيم وذلك من خلال توزيعه عبر شبكات معقدة داخل جهاز الدولة البييروقراطي وخارجه. لقد حَدَّ ذلك من قدرة رئيس الوزراء على تحقيق أي تغيير جوهري على المدى القصير وعلاوة على ذلك، فأن رئيس الوزراء في حاجة للتحالف مع بعض القوى السياسية التي قد تستهدفها تدابير أو إجراءات حقيقية لمكافحة الفساد، متخذاً مساراً أكثر أمانًا له وذلك بإستهداف المسؤولين الأدنى مرتبة أو إختيار القضايا التي لم تتورط بها أحزاب كبيرة. من المفهوم تأكيد العبادي على سيادة القانون كنهج عادل لمكافحة الفساد بطريقة محايدة وغير مسيسة ولكن إقامة حكم القانون ليس أمراً يسيراً تطبيقه بالنظر إلى أن القضاء العراقي نفسه قد ثبت على أنه هو أيضاً مُعَرَّض للفساد ويخضع للتهديدات والابتزاز وهذا غالباً ما تقوم به الأحزاب السياسية أو الجماعات شبه العسكرية[40]. في القضايا المتعلقة بالجريمة المنظمة كالاتجار بالبشر وتهريب المخدرات فقد أخبر أحد المسؤولين المطلعين كاتب هذه السطور بأن معظم الأنشطة الغير قانونية تحظى في الواقع بحماية الجماعات شبه العسكرية المؤثرة والتي تحصل على حصة من فوائد تلك الأنشطة[41]. وقد ذكر مسؤول أمني آخر، إشترط عدم ذكر هويته، عن نظم الرشوة المنظمة المنتشرة في نقاط مراقبة الحدود ونقاط التفتيش الداخلية الرئيسية. وشرح كيف تطورت إحدى الشبكات من خلال فرض الضرائب غير الرسمية (الخاوات) على الواردات حيث يحدث ذلك غالباً من خلال التعاون بين قوات الأمن الرسمية والمجموعات الخاصة حيث يدفع بعض المسؤولين مبالغ كبيرة للسيطرة على نقاط التفتيش. وقد أغلقت إحدى نقاط التفتيش هذه على الطريق بين ديالى وبغداد مؤخراً بعد شكوى مسؤولين محليين مفادها أن الميليشيات تسيطر عليها – بالتعاون مع أفراد الأمن الفاسدين – وكانت هذه النقطة تستخدم لإبتزاز سائقي الشاحنات أثناء عبورها وترغمهم على الدفع إلى الميليشيات بشكل غير قانوني [42].
إن تفشي ظاهرة الرشوة والضرائب اللاقانونية تحد من قدرة الحكومة على زيادة دخلها غير النفطي وكذلك تحد من تنويع مواردها وهذا هو السبب في أن الحكومة تحاول تحسين إدارتها لضبط الحدود والتي إذا ما تم ذلك بشكل صحيح يمكن أن توفر مصدرا كبيرا للدخل من خلال الرسوم المفروضة على الواردات، بالإضافة إلى ذلك فقد حاولت الحكومة وبنجاح نسبي تطوير نظامها الضريبي مع التركيز على القطاعات التي يسهل مراقبتها مثل شركات الهواتف المحمولة.
إن التحدي الأكثر إلحاحا في العراق هو الفجوة بين النمو السكاني، والذي يستتبع زيادة كبيرة في الطلب على الوظائف والخدمات، وبين الموارد المتاحة لتلبية تلك الطلبات. على الرغم من أنه لم يجرِ تعداد سكاني شامل في العراق منذ عام 1987 فإن معظم التقديرات تشير إلى أن عدد السكان يقدر اليوم بــ (٣٧) مليون نسمة ومن المتوقع أن يرتفع إلى (٥٣) مليون بحلول عام ٢٠٣٠ بمتوسط نمو سنوي يبلغ (٢٫٧٥٪). لا تزال معدلات الخصوبة في العراق من بين أعلى المعدلات في العالم (٤٫٢٧٪) بين عامي ٢٠١٥ و٢٠٢٠) [43] وأن (٤٣٪) تقريبًا من السكان تقل أعمارهم عن أربعة عشر عامًا وأن (٢٠٪) بين سن الرابعة عشر والرابعة والعشرين وأن (٣٣٫٧٪) هم بين سن الرابعة والعشرين والرابعة والخمسين[44] أما معدل البطالة المقدر بين الشباب فهو (٣٠٪) ومن المرجح أن تزداد هذه النسبة في السنوات القادمة[45].
وفقا للباحث العراقي عدنان ياسين فأن نسبة الأشخاص بين سن الخامسة عشرة والرابعة والستين من العمر قد بلغت (٦٠٪) من السكان وأن البلاد قد دخلت في فترة حرجة من نشوئها السكاني تسمى بــ “النافذة السكانية” وهذه الفترة من المتوقع أن تستمر من ١٠ إلى ١٥ سنة قادمة وإن النسبة المئوية للأشخاص القادرين على العمل على وشك الوصول إلى ذروتها. إذا ما تمت تعبئة هذه الفئة بشكل صحيح فيمكن لها أن توفر الطاقات اللازمة لإعادة الإعمار والتنمية ولأجل تحقيق هذا الهدف يتعين على الحكومة العراقية أن تضع استراتيجية شاملة لمعالجة نقاط الضعف الإقتصادية والإجتماعية والبيئية التي يواجهها مواطنوها. يمكن تحقيق ذلك الهدف عن طريق دمج جهود القطاعين العام والخاص من أجل الإبتكار والتنويع في الاقتصاد واستخدام المواهب الشابة لخلق فرص عمل جديدة. وفي هذا الصدد، تشير منظمة العمل الدولية إلى أهمية الإستثمار في التدريب المهني وريادة الأعمال وكذلك الوصول إلى رأس المال والأسواق المحلية والأعمال الناشئة. في حال عدم فهم وإستيعاب هذه الاستراتيجية وفشلت الدولة في توظيف الموارد البشرية المتاحة فأن معدل البطالة ونقص العمالة قد يرتفع إلى مستويات تهدد الإستقرار السياسي برمته.
حدد البنك الدولي خط الفقر الوطني ﺑـ (٢٢٫٥٪) وذلك في عام ٢٠١٤ وبدأ بالإرتفاع نتيجة للصراع وإنخفاض أسعار النفط والنزوح والجفاف في جنوب العراق والنمو السكاني السريع[46]. في دراسة أجراها برنامج الأغذية العالمي في عام ٢٠١٦، تم تحديد (٢٫١٪) من السكان على أنهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و٢٢٫٥٪ يعيشون تحت خط الفقر، وقد سجل أعلى معدل في المدن الجنوبية (٣١٫١٥ ٪) والمناطق التي كانت تسيطر عليها داعش (٤١٫٢ ٪)[47]. دفع إرتفاع معدل الفقر الحكومة العراقية إلى إعلان استراتيجية جديدة لتخفيض معدل الفقر ليتم تنفيذها بين أعوام ٢٠١٨و [48]٢٠٢٢. لقد تم صياغة الاستراتيجية بعبارات عامة للغاية مع التركيز على تقديم الإعانات الاجتماعية للأسر التي تعيش تحت خط الفقر وكذلك تحفيز النشاط الاقتصادي في المناطق الأكثر إحتياجاً لا سيما المناطق التي تضررت من الحرب.
تعكس الإحصاءات أعلاه عدم التماثل المتزايد بين المحافظات مما سيؤدي إلى زيادة حركة الإنتقال بين المناطق والمدن. إن هذه الحركة الغير مخططة ستؤدي إلى إشتداد عدم الإستقرار لاسيما نتيجة توسع المناطق الهامشية على أطراف المدن والذي يضيف المزيد من الضغط على البنية التحتية المستنفدة. لقد شهدت المدن الجاذبة اقتصاديًا بالفعل مثل بغداد والبصرة زيادة في الهجرة وتوسع مدن الصفيح على هوامشها. إن نقص الموارد للتعامل مع هذا الحراك سيؤدي إلى توسع الهوامش صعبة المراس وكذلك انتشار الجماعات الإجرامية والقوات شبه العسكرية والتي إما أن تتحول إلى جماعات متشددة أو تهديد للاستقرار والتنمية الاقتصادية
دور الدولة: إعادة التفكير
في منتصف القرن العشرين كان العراق، مثله مثل العديد من دول العالم الثالث، حيث العقيدة السائدة تنظر إلى الدولة باعتبارها قائد التنمية والتحديث لذا شددت الحكومات الإشتراكية المخططة مركزيا، مثل نظام البعث، من سيطرتها على العملية الإقتصادية ساعدها في ذلك نمو إيرادات النفط في السبعينيات.
بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام ٢٠٠٣ والذي أطاح بصدام حسين، لم يجري نقاش جاد حول دور الدولة في العملية الإقتصادية. فبدلاً من ذلك فقد بالغت سلطة التحالف في تقدير أهمية تقاسم السلطة الطائفية والعرقية وغيرها من عناصر سياسة المكونات والهويات. لقد أدى ذلك إلى مبالغة في التركيز على وجود مسؤولين يمثلون مجموعات عرقية ودينية مختلفة بدلاً من إعطاء الأولوية للجدارة لتسنم المناصب. نتيجة لذلك فقد أصبحت مؤسسات الدولة مكتظة بغير الكفوئين والذين يعملون بدورهم كممثلين لمكوناتهم بدلاً من موظفين ذوي خبرة يمتلكون فهماً واضحاً للتحديات الإجتماعية والإقتصادية. علاوة على ذلك فلقد فهمت الأحزاب العراقية والتي تشكلت في الغالب على أسس الهوية العرقية أو الدينية بأن المؤسسات العامة تلك هي أماكن لتوسيع رعايتها أكثر من كونها أدوات للحكم.
وبغض النظر عن العبارات المبهمة والمكررة عن السوق الحرة وعن نهاية التخطيط المركزي لم يُبذل سوى جهد ضئيل لفهم كيف وماذا كان ينبغي عمله في سبيل تحرير السوق؟. لقد بدا جلياً وبسرعة بأن الدولة ستبرز ثانية على أنها اللاعب الأقوى في إقتصاد يعتمد إعتماداً كبيراً على ريع النفط. إن الجمع بين إقتصاد قائم على الريع وعلى المشاركة في السلطة حال دون ظهور سلطة مركزية جديدة ولكنه أنتج في نفس الوقت ما إعتبره البعض نظام حكم اللصوص (Kleptocracy) حيث تم من خلاله تبديد موارد هائلة لأجل تمويل شبكات مصالح الجماعات المهيمنة[49]. لقد إستتبع ذلك نشوء قطاعٍ خاصٍ يعتمد على إغتصاب الموارد من الدولة عبر الشبكات الزبائنية والتي تم تشكيلها بالشراكة مع السياسيين مما فاقم الإختلال الوظيفي للدولة.
في ظل غياب نظام إقتصادي وغياب أهداف تنموية واضحة ومحددة فقد عمل الإقتصاد العراقي على إستفادة أولئك الذين فتحت أبواب رعاية الدولة لهم ولكنهم فشلوا في تحقيق نماء تستفيد منه الغالبية من المواطنين. كانت السياسة الأساسية التي أعتمدت للتخفيف من العواقب الإجتماعية والإقتصادية لسوء الإدارة هي فتح أبواب القطاع العام بأجهزته المدنية والعسكرية لإستيعاب الموظفين الجدد وذلك في سبيل توسيع والحفاظ على نظام التبعية. لقد برهنت تلك السياسة على عدم ديمومتها خاصة بعد هبوط أسعار النفط وتخفيض موازنة الحكومة. إن تحديات الصراع وما بعد الصراع والنمو السكاني المتواصل جعل من الأمور تبدو أسوأ وهذا يعني بأن العراق قد انتقل إلى حالة تتميز بندرة الموارد مقابل طلب متعاظم.
العراق إذن هو بحاجة ماسة إلى إعادة تشكيل استراتيجيته الاقتصادية بطريقة تربط الإستجابة للتحديات المالية بسياسات معالجة المشاكل الإجتماعية والإقتصادية. ففي الوقت الذي لا مفر فيه من الإصلاحات الرامية إلى خفض الإنفاق العام وتقليل عجز الموازنة إلا أنها يجب أن تكون متوازنة ومتناغمة في إطار استراتيجية إنمائية ملموسة. لا شك أن العراق عليه أن يتجنب العودة إلى القيادة الإستبدادية للإقتصاد، لكن ليس البديل هو تفكيك أجهزة الدولة، بل بجعل تلك الأجهزة أكثر فعالية. إن الإصلاحات يجب أن تستهدف نظام المحسوبية المتفشي عن طريق الأحزاب السياسية والتي كرست الأساليب اللصوصية (Kleptocratic) في إدارة الموارد. إن تقليل سيطرة القطاع العام على الإقتصاد أمر ضروري لإدارة الموارد بشكل أفضل لكن ينبغي أن يتم ذلك تدريجياً يرافقه خلق بدائل عملية. لا يخلو الخطاب الحكومي حالياً من بلاغة عن جهود دعم الإستثمار وتشجيع القدرة التنافسية وهو في الواقع يبتعد عن ذلك فالحكومة تعمل بموجب ثقافة الإعتماد على الريع. يتطلب الابتعاد عن هذه الثقافة تطوير فهم جديد لدور الدولة، فهمٌ تكون أولوياته التخطيط التنموي والتنفيذ بالإشتراك مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني والهيئات المحلية.
توصيات سياسية
١- بعد تحرير المناطق التي سيطرت عليها داعش يجب على الحكومتين العراقية والأميركية مع الشركاء الدوليين إعتماد نهج شامل لمكافحة التطرف. إن الأساليب الأمنية رغم أهميتها إلا أنها لا تستطيع التعامل مع بعض جذور أسباب التطرف والتمرد واللذان هما نتاج الظروف الإجتماعية والإقتصادية. يجب على الحكومة العراقية أن تتبنى استراتيجية تطوير جديدة للتعامل مع التحديات الإجتماعية والإقتصادية كإرتفاع نسب البطالة وتدني موارد الدولة وتزايد عدم المساواة بين السكان وسوء الحكم وضعف المؤسسات والنمو السكاني المتسارع. يجب على الدولة العمل الجاد وبفاعلية على تخفيف المشاكل الإجتماعية والإقتصادية بدلاً من وقوعها في أسر شبكات زبائنية قوية ومجموعات مصالح تتنافس فيما بينها على الموارد.
٢- يجب السعي أولاً ضمن استراتيجية تنموية جديدة إلى معالجة المشاكل الناجمة عن الاقتصاد الريعي حيث أنه هو المسؤول عن إنتشار ثقافة الاستيراد وعن تدني الإنتاجية وهو المسؤول عن خلق قطاع عام كبير غير كفوء وكذلك هو الذي أدى إلى الإعتماد على الإعانات الحكومية وهو الذي أنتج كذلك نخبة سياسية مدعومة بموارد النفط بدلاً من تمثيلها الحقيقي للمجتمع. وبالمثل فإن الإنفتاح الاقتصادي السريع يفتقر إلى سياسات كابحة في التعامل مع عدم المساواة في الدخل وتوفير إدارة أفضل لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة وزيادة النزعات السلطوية للصفوة وقدرة اللاعبين من خارج منظومة الحكم على تولي مهام الدولة، وبالتالي فأن ذلك سيولد مزيداً من التشرذم في المجتمع. إن إستراتيجية التنمية الجديدة يجب أن تنعش الدور الريادي للدولة بإعتبارها العامل الرئيسي للتنمية مصحوبة بإنفتاح مسؤول ومدروس.
٣- على الدولة إعادة تعريف دورها والقيام بإجراء إصلاح داخلي جذري. يجب أن يتضمن ذلك إجراءات لإحياء مقاييس الجدارة والحد من حوافز العمل في القطاع العام والحد من عدد المؤسسات وتسليم بعض الأنشطة إلى منظمات المجتمع المدني وبناء شراكة مع القطاع الخاص لإدارة الشؤون الأخرى. يتمثل الهدف النهائي في تحسين أداء المؤسسات وحوكمتها من خلال تقديم جودة النوع على الكم. إن تعريف الكفاءة لا يكون من خلال حجم المؤسسات ولكن من خلال قدرتها على العطاء وفي هذا المجال يمكن للمنظمات الدولية المشاركة في جهود بناء الطاقات وتحسين أسس الحكم.
٤- لا ينبغي إستهداف حالات الفساد الفردية فقط بل يجب أن يكون الإستهداف جزءاً من جهد منهجي منظم للإصلاح وأولوياته تفكيك شبكات الرعاية والزبائنية وإضعاف قدرة اللاعبين من خارج مؤسسات الدولة لإختراقها. يمكن الإستعانة بالمنظمات الدولية لتقديم الخبرات وخاصة في مجال جهود تحديث وأتمتة النظام المصرفي وبناء مؤسسات محاربة الفساد وتقوية دور القانون وكذلك إقامة أنظمة محاكم على أسس مهنية.
٥- يحتاج العراق إلى سياسة لتنظيم الأسرة فإن بقي النمو السكاني دون محددات وهو الذي شجعته القوانين والأنظمة السارية فستزداد صعوبة تلبية المتطلبات الإجتماعية والإقتصادية للسكان. يجب أن يقترن كل ذلك بجهود جدية تدعمها الحكومة الأميركية من أجل تطوير الموارد البشرية وتدريب الشباب على نوع ونمط جديد من الاقتصاد يعتمد على الإبداع والمبادرات والمهارات اللازمة وذلك من أجل لتعامل مع التقنيات الحديثة.
٦- ينبغي توجيه المزيد من الإستثمارات نحو مشاريع الطاقة المتجددة كوسيلة لخلق فرص عمل جديدة والحد من الإعتماد على الوقود الأُحفوري وما يستتبع ذلك من تنويع للإقتصاد العراقي. بالإضافة إلى ذلك فأن العراق يحتاج إلى الإستثمار في مجالات الري والبستنة والغابات وذلك من أجل تحسين الإنتاجية الزراعية والحد من الفقر وذلك عن طريق تأمين الغذاء وخلق فرص عمل جديدة ومكافحة تغير المناخ والتصحر. يجب أن يقترن كل ذلك بزيادة الجهود الدبلوماسية مع دول الجوار لمعالجة أزمة المياه كمشكلة يعاني منها الشرق الأوسط عموماً حيث يجعل ذلك من الضرورة تنسيق جهود حماية تأمين المياه لجميع السكان. في هذا الصدد يمكن لحكومة الولايات المتحدة والشركاء الدوليين توظيف علاقاتهم الدبلوماسية الواسعة من أجل تقديم حلول بناءة لهذه القضية وتفادي النزاعات على المياه في المستقبل.
٧- على حكومة الأميركية أن تكون لديها سياسة إقتصادية أكثر وضوحا بخصوص العراق وتضع الإصلاحات الإقتصادية ضمن استراتيجية أوسع وذلك لتحقيق الإستقرار وبناء السلام ويعني هذا توجيه المزيد من الموارد الأميركية في العراق تجاه تشجيع الإصلاحات وخلق فرص عمل وتطوير الاستثمارات والحد من الفساد.
 
*الدكتور حارث حسن هو زميل أقدم غير مقيم في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط وهو كذلك زميل أقدم في الجامعة الأورپية المركزية في بودابست. لقد كتب بشكل مكثف في الصحف والدوريات العربية والإنجليزية وهو يعكف حالياً على تأليف كتاب عن السلطة الدينية في دولة ما بعد صدام في العراق. الدكتور حارث كان عضواً في فريق عمل المجلس الأطلسي لمستقبل العراق وكذلك عضو في فريق بحث في الجامعة المركزية الأورپية لدراسة الدولة والدين وتفكك الشرق الأوسط.

[1] الشفافية الدولية: العراق: نظرة عامة إلى الفساد ومحاربته في ٥ تموز ٢٠١٥
Transparency International, “Iraq: Overview of Corruption and Anti-Corruption,” July 5, 2015, https://knowledgehub.transparency.org/ helpdesk/iraq-overview-of-corruption-and-anti-corruption.
[2]   صندوق النقد الدولي “خطاب النوايا، مذكرة السياسة الإقتصادية المالية ومذكرة التفاهم في ١٩ حزيران ٢٠١٦ International Monetary Fund, “Iraq: Letter of Intent, Memorandum of Economic Financial Policies, and Technical Memorandum of Understanding,” June 19, 2016, http://www.imf.org/external/np/loi/2016/irq/06192016.pdf.
[3] جون لي “مؤتمر الكويت الدولي لإعادة بناء العراق – أخبار العراق الإقتصادية في كانون ثاني ٢٠١٨
 John Lee, “Kuwait International Conference for Reconstruction of Iraq,” Iraq Business News, January 16, 2018, http://www.iraq-businessnews. com/2018/01/16/more-details-on-iraqi-reconstruction-conference/.
[4] ماهر شمايتلي وأحمد حجاجي “وعد الحلفاء بـ ٣٠ مليار دولار، أقل مما طالبت به بغداد”. رويترز ١٤ شباط ٢٠١٨

Maher Chmaytelli and Ahmed Hagagy, “Allies promise Iraq $30 billion, falling short of Baghdad’s appeal,” Reuters, February 14, 2018, https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-iraq-reconstruction-ku/allies-promise-iraq-30-billion-falling-short-of-baghdads-appeal- idUSKCN1FY0TX.

[5] المفتش العام الخاص بإعادة إعمار العراق، آذار ٢٠١٣

Special Inspector General for Iraq Reconstruction, March 2013, http://psm.du.edu/media/documents/us_research_and_oversight/sigir/ lessons_learned/us_sigir_final-report_learning-from-iraq.pdf.

[6] عبد الجبار العتابي “زيادة سكان العراق إلى ٣٧ مليوناً والزيادة ما زالت مرتفعة” إيلاف ١٦ كانون أول ٢٠١٧

Abdul Jabbar al-Atabi, “Iraq’s population has grown to 37 million and growth is still high,” Elaph, December 16, 2017, http://elaph.com/Web/ News/2017/12/1181801.html.

[7] صندوق النقد الدولي “العراق: ٢٠١٧ المادة (٤) الإستشارة والمراجعة الثانية بخصوص ترتيبات إتفاقية الإستعداد الإئتماني لثلاث سنوات والطلب للتخلي عن الإلتزام بها وعن تطبيق معايير الأداء وتعديل تلك المعايير”- تصريح صحفي؛ تقرير الهيأة وتصريح المدير التنفيذي للعراق في الصندوق ٢٠١٧ ص ١٣.

International Monetary Fund, ”Iraq: 2017 Article IV Consultation and Second Review under the Three-Year Stand-by Arrangement-and Requests for Waivers of Nonobservance and Applicability of Performance Criteria, and Modification of Performance Criteria-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for Iraq,” 2017, p.13, https://www.imf.org/~/media/Files/Publications/CR/2017/cr17251. ashx.

[8] أحمد أبو العينين وأحمد رشيد “الپرلمان العراقي يصادق على الموازنة والنواب الكرد يقاطعون التصويت” رويترز ٣ آذار ٢٠١٨

Ahmed Aboulenein and Ahmed Rasheed, “Iraqi parliament approves budget, Kurdish lawmakers boycott vote,” Reuters, March 3, 2018, https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-iraq-budget/iraqi-parliament-approves-budget-kurdish-lawmakers-boycott-vote- idUSKCN1GF0PP.

[9] صندوق النقد الدولي “العراق: ٢٠١٧ المادة (٤) الإستشارة والمراجعة الثانية تحت ترتيبات إتفاقية الإستعداد الإئتماني لثلاث سنوات والطلب للتنازل عن الإلتزام بها وعن تطبيق معايير الأداء وتعديلها”- تصريح صحفي؛ تقرير الهيأة وتصريح المدير التنفيذي للعراق ٢٠١٧ ص ٩. 

International Monetary Fund, “Iraq: 2017 Article IV Consultation and Second Review under the Three-Year Stand-by Arrangement-and Requests for Waivers of Nonobservance and Applicability of Performance Criteria, and Modification of Performance Criteria-Press Release; Staff Report; and Statement by the Executive Director for Iraq,” p. 9.

[10] “مئات المحتجين ضد خصخصة الكهرباء في ذي قار” بغداد پوست تشرين ثاني ٢٠١٧

“Hundreds protest against privatization of electricity sector in Dhi Qar,” Baghdad Post, November 20, 2017, http://www.thebaghdadpost.com/ en/story/19882/Hundreds-protest-against-privatization-of-electricity-sector-in-Dhi-Qar.

[11] علي الحسيني شكوك حول خصخصة الكهرباء في العراق

Ali al-Hussaini, “Doubts about the success of the privatization of electricity in Iraq,” New Arab, March 30, 2017, https://www.alaraby.co.uk/ economy/2017/3/30/ –

[12] روابط: مركز بحوث ودراسات إستراتيجية “العبادي: خصخصة الكهرباء ستحمي الفقراء من مافيات الكهرباء” ٣٠ تشرين ثاني ٢٠١٧

Rawabet Center for Research and Strategic Studies, “Al-Abadi: the privatization of electricity would protect the poor from electricity mafias,” November 30, 2017, http://rawabetcenter.com/archives/56283.

[13] علي ميرزا “فخ الريع في العراق: تعليقات وتوصيات” شبكة الإقتصاديين العراقيين في ٢ آيار ٢٠١٨.

Ali Mirza, “The Rentier Trap in Iraq: Comments and Recommendations,” Iraqi Economists Networks, 3, accessed on May 2, 2018, http:// iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2018/05/Merza_Rentier_Trap_In_Iraq_Journal_of_Strategic_Issues_number_6_2018.pdf.

[14] الجهاز المركزي للإحصاء، وزارة التخطيط “حالة سوق العمل في العراق” ك١-٢٠١١

The Central Body for Statistics, Ministry of Planning, “The State of Job Market in Iraq,” December 2011.

[15] الإقتصاد السياسي العراقي. ورشة عمل في بغداد ٨ شباط ٢٠١٨

“Iraq’s Political Economy,” (workshop, Baghdad, Iraq, February 8, 2018). The workshop followed Chatham House rules and gathered a group of Iraqi officials and researchers.

[16] مظهر محمد صالح “الإقتصاد السياسي العراقي” دائرة مستديرة ٧ شباط ٢٠١٨

Mudhir Salih, “Iraq’s Political Economy” (panel event, Baghdad, Iraq, February 7, 2018).

[17] بارق شبر وأحمد بريهي “الإقتصاد العراقي وآفاق المستقبل القريب” شبكة الإقتصاديين العراقيين ٧ تموز ٢٠١١

Barik Schuber, “Dr, Ahmed Abrehi Ali, “The Iraq Economy and Prospects for the Near Future,” Iraqi Economist Network, July 7, 2011, http:// iraqieconomists.net/ar/2011/07/07/

[18] Salih, “Iraq’s Political Economy.”

[19] لقاء غير رسمي مع إثنين من المسؤولين العراقيين في ٢٩ شباط ٢٠١٦ و٧ آذار ٢٠١٧ بشرط حفظ سرية شخصيات المسؤولين كي يتم النقاش.  

Off-the-record meetings with two Iraqi officials, February 29, 2016; March 7, 2017. Maintaining the anonymity of officials was a prerequisite to discussion.

[20] إقتصاد المتاجرة “نسبة البطالة في العراق”

Trading Economics, “Iraq Unemployment Rate,” https://tradingeconomics.com/iraq/unemployment-rate.

[21] القطاع العام في كردستان ضعف ما يجب أن يكون عليه، راداو ٣٠ أيلول ٢٠١٦

“Kurdistan’s public sector is double what it should be,” Rudaw, September 30, 2016, http://www.rudaw.net/english/business/30092016.

[22] المصدر السابق
[23] يوتيكا لخدمات المخاطر “داخل السياسة العراقية” العدد ١٧٤ آذار ٢٦، ٢٠١٨

Utica Risk Services, “Inside Iraqi Politics,” Issue No.174, March 26, 2018.

[24] عضو في اللجنة المالية في الپرلمان يكشف عن نسبة الإنفاق العسكري في موازنة ٢٠١٨. الغد پريس ٢٨ آذار ٢٠١٨

“Member of Parliamentary Finance Reveals the Proportion of Military Spending in the Budget of 2018,” Alghad Press, March 28, 2018, https:// www.alghadpress.com/news/%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7% D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9/130648/%D8%B9%D8%B6%D9%88-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8% A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-

%D9%86%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9

%83%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A.

[25] “Iraq’s Political Economy” (off-record workshop, Baghdad, Iraq, February 8, 2018).

[26] المصدر السابق

[27] مظهر محمد صالح “الاقتصاد السياسي العراقي”

Mudhir Salih, “Iraq’s Political Economy” (panel event, Baghdad, Iraq, February 7, 2018).

[28] المصدر السابق

[29] المصدر السابق

[30] “Iraq’s Political Economy.”

[31] Mark A. DeWeaver, Inside Iraq’s Cash Economy: Fully Reserved Banking in a Monetary Dystopia, American University of Iraq Sulaimani, April 20, 2016, https://auis.edu.krd/iris/sites/default/files/IRIS%20Iraq%20Report%20IIR_Mark%20DeWeaver_Inside%20Iraq%E2%80%99s%20 Cash%20Economy_2016_0.pdf.

[32] “Iraq’s Political Economy.”

[33] “Rasheed Bank Launches MasterCard Card with “Unique Features,”” Searching 4 Dinar, March 23, 2108, https://search4dinar.wordpress. com/2018/03/29/rasheed-bank-launches-mastercard-card-with-unique-features/.

[34] The Global Economy, “Iraq: GDP Share of Agriculture,” https://www.theglobaleconomy.com/Iraq/Share_of_agriculture/.

[35] Foreign Policy Concepts, “A Look at Iraq’s Water Crisis and Geopolitics of Irrigation,” January 7, 2018, https://foreignpolicyconcepts.com/ Iraq-water-crisis-geopolitics-irrigation/.

[36] Mustafa Saadoun, “Tribal disputes flare in southern Iraq over water scarcity,” February 15, 2018: http://www.al-monitor.com/pulse/ originals/2018/02/water-security-iraq-tribal-conflicts.html#ixzz5GyPu93SY.

[37] “Iraq’s Political Economy.”

[38] “Kurdistan’s Public Sector Is Double What It Should Be,” Rudaw, September 30, 2016, http://www.rudaw.net/english/business/30092016.

[39] “Al-Abadi Vows to Fight Corruption Again, MP’s Demand Action,” Al-Sharq Al-Awsat, December 31, 2017, https://aawsat.com/home/ article/1128666 العبادي يتوعد مجدداً والنواب يطالبون بأفعال

[40] Interviews with Iraqi citizens, Baghdad, March 2018. maintaining the anonymity of interviews was a prerequisite to discussion.; also see: GAN, “Iraq’s corruption report,” https://www.business-anti-corruption.com/country-profiles/iraq/.

[41] Author interview with government official, who requested his identity be kept anonymous.

[42] “Diyala Closes the Collection Yards in Al-Safra Customs Port,” NRT, http://www.nrttv.com/Ar/Detail.aspx?Jimare=42947.

[43] علي عبد الأمير “مؤشرات السكان والتطور الإجتماعية السياسي في العراق” ورقة قدمت إلى فريق مناقشة الاقتصاد السياسي العراقي بغداد ٧ آذار ٢٠١٨

Ali Abdul Amir, “The demographic indicators and socioeconomic development in Iraq” (paper presented at panel event on Iraq’s Political Economy, Baghdad, Iraq, March 7, 2018).

[44] المصدر السابق

[45] المصدر السابق

[46]  البنك الدولي، الفقر في الريف العراقي ت١ ٢٠١٧

 World Bank, Iraq Country Poverty Brief, October 2017, http://databank.worldbank.org/data/download/poverty/B2A3A7F5-706A-4522-AF99- 5B1800FA3357/9FE8B43A-5EAE-4F36-8838-E9F58200CF49/60C691C8-EAD0-47BE-9C8A-B56D672A29F7/Global_POV_SP_CPB_IRQ.pdf.

[47]العراق: تحليل شامل للأمن ودرجة التأثر الغذائي برنامج الأغذية العالمي “

World Food Programme, “Iraq: Comprehensive Food Security and Vulnerability Analysis,” 2016, https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/ resources/CFSVA%20Iraq%202016.pdf.

[48] نصير الحسون “العراق يطلق الإستراتيجية الثانية لإنقاذ ثلث السكان من الفاقة”

Nasir al-Hassoun, “Iraq Launches Second Strategy to Lift a Third of the Population Out of Poverty,” Al-Hayat, February 28, 2018, http://www. alhayat.com/Articles/27218075/ ا العراق يطلق إستراتيجية ثانية لإنتشال ثلث السكان من الفقر-

[49] لؤي الخطيب “الفساد في العراق: أي تذهب كل هذه الأموال؟” ناشنال إنتريست ١٩ آيار ٢٠١٦

Luay al-Khateeb, “Corruption in Iraq: Where did all the money go?” National Interest, May 19, 2016, http://nationalinterest.org/feature/ corruption-iraq-where-did-all-the-money-go-16279.

4 thoughts on “ما بعد الأمن: الإستقرار والحكم والتحديات الإجتماعية والإقتصادية في العراق

  1. احسنت الترجمة استاذ وليد ولقد بذلت بذلك خدمة مشكورة للباحثين في الشأن العراقي. ارجو ان تسمح لي بأعادة نشر هذا البحث القيم وتزودني بملف وورد

    1. شهادتكم دكتور بارق تضيف لعمل الدكتور حارث ولعملنا قيمة تدعو للفخر وتضع أمام شعبنا صورة حقيقية للواقع المؤلم والمستقبل القاتم في ظل هذه الظروف وسيادة الفساد على وطننا. تحياتي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!